العلوم الإنسانية والإجتماعية

العلاقة بين العلم والحالة الإجتماعية

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة

وبالنظر إلى الانتشار الواسع للسلطة الثقافية، فليس من المستغرب أن تتضمّن تكتيكات الحركات الاجتماعية العلم، مثل استخدام خبراء معارضين (Counterexperts) ونشر دراساتهم الممنوعة وتنفيذ بحوثهم القائمة على المشاركة [في موضوعات المحاصيل المهندسة وراثياً].

فهؤلاء العلميون هم شركاء حقيقيون في الكثير من تلك الحركات الاجتماعية التي تسعى للتغيير الاجتماعي. فالنشطاء العلميون والمؤسسات العلمية يسهمون في تحديد القضايا المستجدة، ويوفرون المعلومات [المرجوة] للنشطاء ويشاركون في كلٍّ المنازعات السياسية المحلية والدولية [بهذا الخصوص].

فالعلاقة ما بين العلم والحركات الاجتماعية من الممكن أن نراه أكثر وضوحاً أو أن يتعرض للتحليل الأوسع في دراسات الحركات البيئية، المعتمدة على العلم منذ وقت طويل لتشديد الضغط حول أهمية تلك المخاوف(Hays 1987; Schnaiberg 1980; Dunlap and Mertig 1992).

هناك أمثلة كثيرة تشير إلى الدمج ما بين العلم والتوجه النشط سياسياً عبر العديد من الحركات سواء كانت تاريخياً قديمة أو حديثة النشوء.

فعلماء الاجتماع قد استقدموا كخبراء شهود في الدعاوى القضائية المعروفة لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأميركية (Jackson 2001)، في حين أنه في الوقت الحاضر تستخدم الحملات المناهضة للعنصرية إحصاءات السجون الأميركية لمعرفة السجناء من أصل أفريقي، ليتم دراستها وتحليليها من قِبل علماء الاجتماع (Oliver 2008).

وفي مثال آخر، نرى أن حركات حقوق المثليين (Gay Rights Movements) قد استخدمت الاحتمالات العلمية في إمكان وجود الجين المثلي (Gay Gene) وأخذت بالاعتبار البحوث المثيرة للجدل المتعلقة بالاختلافات الدماغية ما بين من هم مثليون ومن هم عاديون (Brookey 2002).

 

لقد تم رصد هذه التوجّهات لحينٍ من الوقت في دراسات علميي الاجتماع وعلميي تعدد التخصصات في العلوم والتكنولوجيا. فالكثير من الدراسات العلمية والتكنولوجية المتخصصة في الحركات الاجتماعية ركزت على العلم والتكنولوجيا باعتبارهما مجالات خلافية، متسائلين عن كيفية تغيير المعرفة العلمية وتطبيقاتها (للاطلاع انظر (Hess et al 2008)).

فالحركات الاجتماعية بإمكانها التوصل إلى أفكارٍ وأساليب جديدة في البحث العلمي (Epstein 1996) أو في التطوّر التكنولوجي (Hess 2007). كما يمكن للمواطنين المعبئين أن يصبحوا خبراء علميين ومنتجي معرفة في المسائل المهمة لهم، مثل المرض والتلوّث البيئي المحلي(Brown 1992, 2007; McCormick, Brown, and Zavestoski 2003; Hess 2009; Corburn 2005).

فالنشطاء، ولا سيّما مَن هم في مجال الصحة، يمكنهم أن يؤثّروا بصورة كبيرة في ادعاءات المسببات التي تقدم بها العلميون. فعلى سبيل المثال قدّمت مجموعة من النشطاء في الأوساط الشعبية للمساعدة الذاتية (Self-Help Group) مساعدةً على المستوى الشعبي (Grassroots) للتأثير في كيفية فهم الأطباء المهنيين أسباب [التهاب] بطانة الرحم (Capek 2000).

بالمثل، فإن النشطاء المناهضين للتكنولوجيا الحيوية سعوا في هذا الكتاب إلى تغيير الطريقة التي يتم فيها إنتاج المعرفة الخاصة بالتكنولوجيا الحيوية. لكنهم ما زالوا يناضلون لضمان أن خطاب الخبراء لا يغطي وجهات نظر المواطنين حول القضايا المتعلقة بالبيئية والمجتمع والاقتصاد، والأخلاق، عند اتخاذ قرارت بشأن التطوّرات العلمية والتكنولوجية.

 

وبالمقارنة، فقد لوحظ أن هناك جهوداً في حالات مختلفة لتقديم إطارات عمل بديلة لمُساءلة التكنولوجيات المزعومة. فعلى سبيل المثال سُلّطت الأضواء [لاحقاً] على نشطاء من المستوى الشعبي وحلفاء لهم من خارج الحدود الوطنية لمناهضة انتهاكات حقوق الانسان المتعلقة بمشاريع بناء سدود كبيرة في عملية تحدٍ افرضيات التنمية نفسها (Khagram 2004).

ومن جهة أخرى، فقد حاربت الشعوب الأصلية من أجل الحصول على المياة النظيفة، مناشدين الهيئات الناظمة أن تدرك أن المياه ليست قضية متعلقة بالصحة والبيئة فحسب، كما هو شائع، بل هي من المقدّسات عند السكان الأصليين (Mascarenhas 2007, Espeland 1998).

وقد شهدت الولايات المتحدة الأميركية نضالات مجتمعية ضد العنصرية البيئية، وأشارت إلى الظلم العرقي في جذور التلوث البيئي، واضعة قضايا عدم المساواة في مقدمة النزاعات البيئية (Bullard 2005).

وعندما تتكلّل بالنجاح مؤثرات هذا النوع من الصراعات فإنها تعكس مسار العلمائية المتعلقة بالمشاكل الاجتماعية، وهو ما يؤدي إلى إعادة فتح الباب أمام احتمال الحوار الديمقراطي حول أفضلية القيم وعلاقات القوة التي كثيراً ما كانت تُحجب سابقاً.

 

وعند تعبئة المواطنيين للطعن في المفهوم التكنولوجي الضيق لقضية سياسية ما، فإنهم يسيسون عملية صنع قرار وربما يجعلون ديمقراطية. فالاعتراف بالعلم كهدف ومصدر معرفي قد لا يخدش، ولكن قد تتقلّص أهمية العلم النسبية في صنع القرارات السياسية والناظمة لكون القيم المجتمعية، والشعب الذي يرفع الصوت هما اللذان يصوّتان يكسبان دوراً أكثر مركزية في العملية السياسية.

في دراسات الحالة المعروضة في بقية هذا الكتاب، تتبعّتُ أربع استراتيجيات رئيسية استخدمها المزارعون والنشطاء كردِّ فعلٍ منهم على التوجّه العلمائي في السياسات التكنولوجيا الحيوية: النضال الخارجي ضد الخبراء الدوليين، وإجراء بحوث للمجتمع المدني، وتدقيق العلوم المستخدمة في المحكمة، واستخدام التكتيكات القائمة على السوق، وبالتأكيد لا تستنفذ هذه الاستراتيجيات لا يمكن أن تكون مستنفذة لقائمة طرق وأساليب الحركات الاجتماعية المتبعة في تحدّيها للتكنولوجيا ومُساءلتها لسلطة العلم السياسية.

ومع هذا فإن هذه [الاستراتيجيات الأربع] تشير إلى الطرق المختلفة التي يسلكها المدافعون عن المسارات الزراعية البديلة التي تعيد تشكيل قواعد النقاش حول المحاصيل المهندسة وراثياً.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى