التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

سلامة المشاه على الجسور . مصممون خلف الستار

2014 لنسامح التصميم

هنري بيتروكسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الهندسة

قارن هذه الأمثلة مع جسر مثل غولدن غيت، حيث المماشي على نفس مستوى الطريق. إذ ليس فقط أن المسافة الفاصلة ضيقة بين الممشى الذي تستعمله المشاة وطريق حركة المركبات السريع (وضوضائها)، ولكن من المستحيل تقريباً للشخص الذي يسير على الممشى أن يتمتّع بمنظر غير محجوب عبر المسارب المتعدّدة لحركة المرور المزدحمة. ولا يعني ذلك أن تصميم جسر غولدن غايت قد خذل المشاة كلياً، إذ يستطيع الشخص أن يسير على جانب الجسر المطل على الخليج بما يحجب حركة المرور والصوت عن الرؤية والذهن بالتركيز على المنظر المدهش لوسط مدينة فرانسيسكو والخليج المتسع في البعد، وتعتبر عملية رفع المماشي لجسر غولدن غايت فوق طريق المركبات، على الأقل من دون تغيير الترتيب المعماري الأساسي للجسر، مهمة تصميمية (أو إعادة تصميم) شبه مستحيلة، بعد أن أُنجز المشروع، والمماشي المرتفعة الخارجية على الجسر ستؤثر في سُمك الجسر وستغيّر من تناسباته القريبة من الكمال. ووضع ممشى تحت طريق المركبات لن يزيل صوت حركة المرور ويضع المشاة داخل جملون الهيكل المتصلّب، مما يؤدّي إلى معيقات في فترات منتظمة في كلا الاتجاهين، وجسر بنجامين فرانكلين عبر نهر ديلاوير في فيلادلفيا ليس فيه ممشىً مرتفعاً بين الطريق الداخلي وسكك القطار خارجه، لكن التركيبة تعطي متن الجسر شكلاً ثقيلاً جداً. (لا يعاني جسر بروكلين من هذا الخلل الجمالي لأن ممشاه واقع في وسط الجسر ويحدّه هيكل متكون من قطع بنيوية خفيفة.)

موضوع هل وأين نضع موقع المشاة قد يبدو أمراً سهلاً بالنسبة لجسر كبير، ولكنّه قد يكون قراراً مليئاً بقضايا جمالية واقتصادية وسياسية وأمان [المشاة]، وقد تأخرت التصميمات النهائية لعدد غير قليل من الجسور أو أن الكلفة ازدادت بشكل كبير، بسبب إلحاح المجموعات الناشطة من المواطنين المؤيدين لنفاذ للمشاة وراكبي الدراجات [على الجسور]، وفي بعض الحالات امتدّ القرار النهائي فيها لما بعد إكمال الجسر، كما كانت الحالة بالنسبة لجسر ومرصد بينوبسكوت ناروز في مين، وسيحتوي مجاز الخليج الشرقي الجديد لجسر خليج سان فرانسيسكو – أوكلاند على ممشىً عرضه 15 قدماً من ضمنه مسلك للدراجات، وكان المؤيدون يدفعون باتجاه توفير وسيلة مماثلة للمجاز الأصلي الغربي على الخليج، وأهم العقبات للقيام بمثل هذه التحسينات هي الكلفة ووسيلة التمويل.

صممت بعض المجازات العالية، مثل جسر كورونادو (Coronado Bridge) في سان دييغو من دون مماشٍ عن عمد في محاولة للحدّ من عمليات الانتحار. لكن ذلك لم يوقف المجازفة كلياً، لأن الأفراد المصممين [على الانتحار] يوقفون سياراتهم ويندفعون بسرعة إلى جانب السياج قبل أن يكون لأي أحد رد فعل سريع بما فيه الكفاية لمنعهم من القفز من فوقه، ويعتبر جسر غولدن غايت من أكثر الجسور المغرية للانتحاريين المحتملين، وقد جرت جدالات طويلة عندما اقتُرح تركيب سياجٍ عالٍ فوق السور المتكامل معمارياً مع الجسر أو تركيب شبكة أمان تمتد من أسفل جسم الجسر. وجادل مؤيّدو هذه الإجراءات بأن المحافظة على الأرواح هي أهم من المحافظة على السيادة الجمالية للهيكل الأيقوني، وبالطبع كان هذا الموقف مضادّاً لموقف المعارضين للتعديلات. فتصميم حاجز – أو أي شيء – تحت ظروف مستقطبة كهذه هو تحدٍّ لن يجعل الجميع سعداء عند التنفيذ. لكن تلبية تحديات التصميم التي تجابه تحديات منافسة هي الحالة [السائدة] في معظم حالات التصميم في جميع المجالات.

كيف يعالج مصمم السيارات مسند الرأس أو كيف يتناول مصمم الجسر مسألة النفاذ إلى الممشى تتضمن أموراً للاختيار تتأثر بعدد من المحدِّدات الداخلية والخارجية، والمتناقضات والخلافات. فإذا نتج من الخيارات التي استخدمت جزءاً من كل يظهر ويعمل كجزء منه، سيعتبر التصميم ناجحاً، وسيكون هناك قليل من تكهّنات ثانية لما قد كان يمكن أن يكون. فالمستهلكون والمستخدمون لأمور مصممة يقبولون [الأشياء المصممة] كما هي – ما دامت متوافقة مع خلجاتهم وجمالية مصاحبة. والتصاميم التي لا تُقبل مباشرة هي تلك غير المتناسقة داخلياً عادة، على الرغم من أن مصدر عدم التناسق قد لا يكون واضحاً للتعبير عنه بسهولة. باختصار، تكون تصاميم فاشلة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى