الطب

استخدام طب الأسنان الشرعي في تحديد هوية شخص مجهول

2010 الاستعراف الجنائي في الممارسة الطبية الشرعية

صاحب عيسى عبدالعزيز القطان

KFAS

طب الأسنان الشرعي في تحديد هوية شخص مجهول الطب

استخدمت الخصائص الذاتية للأسنان في التعرف على هوية المجهولين منذ زمن بعيد ، إلا أنها لم تتطور بشكلها الحالي إلا خلال القرن الماضي ، وقد صار ذلك علماً قائماً بذاته.

ويعتبر فرعاً من الطب الشرعي أو تخصصاً دقيقاً في طب الأسنان ، والأسم المعرب الذي يقابله هو : (طب الأسنان الشرعي) ، ويعتمد على استخدام علم الأسنان في المسائل الجنائية عامة والاستعراف بصفة خاصة .

وغالباً ما يتعلق ذلك بالتعرف على هوية الموتى المجهولين ، وفي أحوال نادرة تظهر الحاجة إلى التأكد من هوية أشخاص على قيد الحياة كفاقدي الذاكرة أو المصابين بالإغماء أو المطلوبين للعدالة من المجرمين المتنكرين أو الذين تعمدوا تغيير ملامحهم جراحياً لغرض التخفي .

ويعنى طب الأسنان الجنائي بمنطقة الفم والأسنان ويستخدم الصفات العامة والخصائص لأجزائهما المختلفة (بصمة الأسنان) للتعرف على الهوية ، بالإضافة إلى فحص عظام الجمجمة لتقدير العمر وقت الوفاة وتحديد الجنس والسلالة العرقية .

 

تلعب خصائص الأسنان دوراً هاماً في التعرف على الهوية في حالة المجهولين أحياء كانوا أو أموات ، والموتى منهم قد تكون أجسامهم سليمة أو متحللة أو عبارة عن أشلاء بشرية من بينها منطقة الفم والأسنان أو عظاماً بشرية تتضمن الجمجمة أو أحد الفكين مع الأسنان أو من دونها.

وفي بعض الأحيان لا تتعدى العينة المطلوب فحصها سناً واحدة أو جزءاً من سن ، كما قد تناقش مسألة الاستعراف فيما يختص بعلامات العض على الضحايا من الأحياء أو الأموات .

بالإضافة إلى الجوانب المتعلقة بالتعرف على هوية جثامين أو أشلاء ضحايا الكوارث الجماعية أو الفردية ، يمكن أن يسهم طب الأسنان الشرعي من خلال بصمة الأسنان في المسائل الآتية :

1-تقدير الأعمار وتحديد السلالة العرقية والعلامات المهنية .

2- توفير معلومات عن الإجراءات العلاجية السابقة في الفم والأسنان .

3- فحص تركيبات الأسنان الصناعية .

4- فحص آثار العض المختلفة على ضحايا الإيذاء والاعتداءات الجنسية .

5- التعرف على آثار الأسنان المختلفة بسبب قضم كالخشب والجلد والفواكه والمواد الغذائية الأخرى

6- مقارنة سجلات الأسنان .

7- تحديد الأضرار اللاحقة بالفم والأسنان نتيجة الإصابات المختلفة ومدة علاجها ونسبة العجز المتخلف عنها .

8- تقديم الأدلة أمام المحكمة بوصفه شاهد خبير .

9- مساعدة علماء الآثار في إبداء الرأي حول نمط الحياة وطبيعة الغذاء في ذلك العصر من خلال فحص أسنان البقايا الآدمية الأثرية .

 

تعتبر الأسنان وبخاصة الطبقة الخارجية منها (الميناء) من أكثر الأشياء مقاومة لعوامل التعرية الطبيعية ويمكن أن تظل متماسكة لآلاف السنين بعد الوفاة ، ولهذا فإن العلامات الذاتية التي تحملها تجعلها تقارب بصمات الأصابع في التمييز ، سواء الآثار الناشئة عن الإصابة أو عن الأمراض أو بفعل معالجة طبيب الأسنان .

وتعالج أعصاب الأسنان الناتجة عن التسوس أو الإصابة بالحشوات المختلفة والتيجان المعدنية والجسور التي تصبح علامات فرقة تميز صاحبها ، وكذلك جراحات ودعامات علامات التقويم التي أصبحت شائعة خلال العقود القليلة الماضية وتتفاوت من حيث المادة الخام المستعملة وكيفية تركيبها وإتقان صنعتها مما يجعلها لا تدل فقط على هوية المتوفى.

بل قد تدل على طبيب أو أطباء الأسنان الذين عالجوه إبان حياته ، وبنفس الطريقة يمكن أن تشير إلى السلالة العرقية للمتوفي أو الطبيب المعالج تبعاً للاستخدامات العلاجية أو التجميلية غير المعتادة والشائعة بين السلالات المختلفة .

كما قد تدل الأسنان على المهن المختلفة من خلال تغيرات مميزة تتخلف عنها ، كالالتئام الموضعي على حواف الأسنان القاطعة (الأمامية) عند المشتغلين بالنجارة والمشتغلين بتصنيف شعر السيدات نتيجة إمساك المسامير أو مشابك الشعر بين الأسنان الأمامية ، والتآكل الذي يشمل عدة أسنان عند عازفي آلات النفخ الموسيقية بسبب العض على منفاخ الآلة بين أسنانهم ، وقد يلاحظ نفس الشيء لدى مدخني الغليون لنفس السبب ، وقد بدأت هذه العلامات المميزة في التناقص مع زيادة الوعي الصحي وتحسن ظروف العمل .

ولا يستفاد كثيراً من بيانات أسنان جثة المجهول ما لم تتوافر معلومات سابقة للوفاة ليتاح مقارنتها بها ، وربما تقتصر بحيث تظهر علامات مميزة بأسنانه الأمامية أو خصائص معينة يصفها أقاربه مثل فرج الأسنان أو فقدان أو كسر بعضها ، أو قد تتوافر سجلات دقيقة سابقة للوفاة لدى طبيبه المعالج على هيئة رسوم تخطيطية أو صور بالأشعة السينية أو انطباعات أو قوالب أو صور فوتغرافية تبين حالة مرضية بالأسنان أو تركيبات مميزة .

 

وفي حالة عدم توافر معلومات سابقة للوفاة تستخدم بيانات أسنان الجثة لإعداد قاعدة بيانات مرجعية للصفات المحتملة للشخص المجهول مثل : عمره ، وجنسه ، وسلالته العرقية ، ومهنته ، وعاداته الاجتماعية ، والعلامات المميزة الأخرى كتاريخه المرضي ومعالجات أسنانه السابقة إن وجدت ، ويحتفظ بهذه البيانات ريثما تتوافر المعلومات اللازمة لإجراء المقارنة .

ويصبح التعرف على الجسد المجهول أكثر صعوبة إذا كانت الأسنان ناقصة أو مفقودة بالكامل ، ويمكن في المقابل الاستفادة من أطقم الأسنان الاصطناعية خاصة إذا كانت مصممة خصيصاً وتحمل علامات أو رموز أو أرقام يمكن أن يستدل بها على الجهة المصنعة وبالتالي على صاحبها .

وقد لا يتخلف من أجساد ضحايا الحرائق والانفجارات سوى بعض الأسنان المنفصلة أو أجزاء منها ويمكن عن طريق الفحص الدقيق والمتخصص معرفة عدد الحد الأدنى من الضحايا ، كما يمكن عن طريق التغيرات والتفاعلات الكميائية التي تطرأ على الأسنان معرفة الوسيلة التي جرى بها التخلص من الجسد في بعض الحالات الجنائية .

وتحتوي الأسنان وكذلك العظام على مادة الحامض النووي (DNA) الذي بدأ استخدامه في مجالات الاستعراف الجنائي منذ عقدين من الزمن ، ويمكن لخبراء البيولوجيا الجزيئية بواسطة تقنيات متقدمة استخلاص الحامض النووي من الخلايا الحيوية وإظهار بصمته الوراثية التي سميت كذلك لأنها تضاهي بصمات الأصابع في الاستدلال على الهوية.

وهذه أيضاً لا تكون ذات منفعة إلا إذا توفرت قاعدة بيانات للمقارنة بها أو خلايا حيوية خاصة بالشخص المفقود الذي يعتقد بأنه هو المتوفى ، أو خلايا حيوية من أقاربه المقربين كالأبناء ، أو الآباء ، كما يمكن استخلاص الحامض النووي والحصول على البصمة الوراثية للجاني بواسطة آثار لعابه من موضع العض على جسم المجني عليه لكي يستخدم لاحقاً كدليل مادي ضد المتهم.

 

كما تستخدم البصمة الوراثية أيضاً في حسم قضايا إثبات أو إبعاد النسب (البنوة) وكدليل مادي في الجرائم الجنسية وجرائم القتل ، وعلى الرغم من التقدم الهائل في مجال البصمة الوراثية إلا أن دور الأسنان في الاستعراف على المجهولين وعلى الجناة يظل مهما وفعالا.

ففي حين يستطيع المتهم أن يدفع بأن وجود آثار من دمه أو شعره أو منيه لا يدل إلا على تواجده في مسرح الجريمة قبل وقوعها والذي قد يفسره بوجود علاقة جنسية مع القتيلة ، فإنه لا يستطيع إنكار واقعة الاعتداء بالعض إذا ثبت تطابق بصمة أسنانه مع أثر العض على جسد القتيلة .

ويعتبر التعرف على هوية الموتى من أهم استخدامات بصمة الأسنان خاصة ضحايا الكوارث الجماعية كالحرائق والانفجارات وتحطم الطائرات ، وقد لقي استخدامها في حوادث الطائرات نجاحاً كبيراً نتيجة توفر قوائم بأسماء الركاب بحيث يمكن الحصول على بيانات ومعلومات عنهم عن طريق الرجوع إلى أقاربهم وسجلاتهم الطبية ، كما تستخدم هذه التقنية أيضاً في التعرف على الموتى المجهولين من ضحايا الحوادث الفردية والانتحار والقتل .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى