التاريخ

عمل “جريجور مندل” كمدرس منتدب

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

جريجور مندل التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

إياَّك … والمسرح!

نحن الآن في العقد الخامس من القرن التاسع عشر، حيث الأفكار الثورية الجديدة أخذت تغزو عقول الناس والأحلام الجديدة تضرب بجذورها في تلك الأديرة المنعزلة عن العالم، وقد هجر عدد من زملاء جريجور الدير إلى ميادين القتال بدلاً من أن يكتفوا بمجرد الصلاة من أجل نصرة زملائهم المحاربين.

وكان التيار الثوري قد جرف جريجور في طريقه فترة ثم سرعان ما خلَّفه وراءه، فقد كان دائماً طالب علم لا محارباً.

وقد كان دائماً رقيقاً حساساً، وقد جنت عليه رقته ورهافة حسه، فقد كانتا السبب في جعل رؤسائه يعفونه من عمله كقسيس.

وجاء في الإعفاء (أنه كان يصاب بعذاب وألم لا يطاقان كلما اضطر إلى أن يعود مريضاً أو أن يحضر محتضراً، وأن ضعفه هذا قد جعله هو نفسه في الواقع مريضاً).

وهكذا عاد جريجور إلى ديره وإلى حديقته يبحث ويتعبد. فلم يكن عقله مستقلاً متحرراً فحسب، وإنما كان عقلاً مشعاً معلماً أيضاً.

 

ومن ثم كان يريد أن يعلِّم كما يريد أن يتعلم، فقدم طلبات للعمل كمعلم منتدب في المدرسة الثانوية المحلية وحصل على هذا العمل مقابل مرتب المدرس المنتدب، وهو يعادل ستين في المائة من مرتب المعلم الأصلي.

وكان عمله في المدرسة مرضياً، وتصرفه لطيفاً، وسلوكه محموداً إلَّا في نقطة واحدة، وهي أنه كان يذهب إلى المسرح عدة مرات بلغت ستاً.

ومع ذلك فقد كانت إدارة المدرسة تغض الطرف عن هذا (الانحراف) من جانبه، خصوصاً وأنه لم يذهب قط إلى المسرح بمفرده وإنما كان دائما في صحبة أحد زملائه.

وختموا تقريرهم قائلين : (إنه على الرغم من حبه الشديد لذلك التشخيص الهزلي، إلا أنه كفء لشغل وظيفة مدرس منتدب).

مدرس منتدب فقط لا مدرس مستديم! لأن الممتحنين قد قرروا، كما سبق أن رأينا، أن جريجور كان من الناحية العلمية (أجهل) من أن يُعهد إليه رسمياً بالتدريس. وهكذا ظل مدرساً (هاوياً) حتى آخر حياته ولم يعرف إلى (الاحتراف) سبيلا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى